- حائز على حجيّة القضيّة المقضيّة : وتعرف الحجيّة بـ درجة يصل فيها الحكم إلى درجةٍ يصبح نهائياً وغير قابلٍ للطعن فيه بطرق الطعن العاديّة وحتى لو ظلّ قابلا للطعن بطرق الطعن غير العادية .

أمّا عن أثر الحجية فإننا نجدها تجعل للحكم حجية على الخصوم تمنع من طرح النزاع بينهم من جديد ، وان كان الحكم قد صدر عن محكمة الدرجة الأولى ولم يتم الطعن فيه ، بالتالي لا يجوز لأحد إعادة تجديد هذا النزاع أو طرحه أمام القضاء لإعادة المطالبة به ، وأشير هنا إلى أنّ إثارة هذا الدفع من النّظام العام ، إذ يجوز للخصم المدعى عليه ان يثيره في أيّ مرحلة تكون عليها الدعوى ، وكذلك للمحكمة أيضا إثارته من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام - كما أسلفنا - حتى وإن تمّ إقفال باب المرافعة . وقد لخصّت محكمة النقض الحجيّة ومضمونها في أحد أحكامها والذي جاء فيه " الأحكام التي تحوز قوة الأمر المقضي به يجب أن تكون في نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسبباً " .

والحديث عن حجيّة القضيّة المقضيّة لا بدّ أن يكون ممّا قد نص عليه القانون ، فقد جاءت المادّة 110 من قانون البيّنات والتي قد جاءت ضمن الفصل الأوّل من الباب الرابع من هذا القانون تحت عنوان " القرائن وحجيّة الأمر المقضي ... " ، ومثل ذلك ما جاء في حكم محكمة النقض المشار إليه آنفاً ، ولم يرد ذكر مصطلح حجيّة القضيّة المقضيّة في هذا القانون ، غير أنّ المادة 110 منه قد جاءت تتحدّث عنها بالقول " الأحكام النهائية تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجيّة، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجيّة إلا في نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً " ولم يسمّي المشرّع الحجيّة باسمها واكتفى بذكر مصطلح " الحجيّة " ، هنا لا بدّ لنا من أن نفرّق بين العنوان الذي ساقه المشرّع في الباب الرابع وما نصّت عليه المادة المذكورة ، فحجيّة القضيّة المقضيّة لا تترتّب للحكم إلّا بعد استنفاذه طرق الطعن العاديّة ، أمّا قوّة الأمر المقضي فتكون للحكم مجرّد صدوره وإن كان هناك إمكانيّة لتنقلب قوّة الأمر المقضي إلى حجيّة إذا لم يتمّ الطعن خلال المدّة الممنوحة قانوناً للخصوم ، كما إن المادة 92 من قانون أصول المحاكمات المدنيّة لم تذكر الحجيّة بالمصطلح وانما قالت ".. لسبق الفصل فيها " دون بيان فرق بين حجيّةٍ أو قوّةِ أمر مقضيّ .

ونلاحظ أنّ المشرّع قد كان أكثر وضوحاً من المشرّع الفلسطينيّ في هذه المسألة فقد نصّت المادة 213 من قانون الأصول الأردني على تسمية " القضيّة المقضيّة صراحةً ، وهي ذات التسمية التي استخدمتها محكمة التمييز في عديد قراراتها ونذكر منها على سبيل المثال " لا يجوز المساس بالأحكام التي حازت حجيّة القضيّة المقضيّة إلا بالطريق التي رسمها القانون في المادة 213 من قانون أصول المحاكمات ..." وحسناً فعل المشرّع الأردنيّ بتوضيح هذه المسألة ولم يترك اللبس والغموض يحيطها .

راجع في ذلك

" اعادة المحاكمة في الدعوى المدنية "
المحامي محمد سقف الحيط ،
بحث منشور في المجلة القانونية الصادرة عن نقابة المحامين ، العدد الثالث ايار 2013 -







محاماة نت