ما قصة وزارة العدل وقضاة المستقبل

قضاة المستقبل ، كلمتان أزعجتا الإعلام مؤخرا ، ويبدو أنها طرقت أبواب المسؤولين بقوة ، اجتاحت الرأي العام وأججت المشاعر،لماذا هذا الكلام الغارق في العسل؟ الكل يعرف الكثير عن البرنامج ، وكل من له صلة بالعمل القانوني له رأي مدجج بالحجج والبراهين ، بين أصوات نجدها خافته تجزم قاطعة بفشل البرنامج ، أصوات تكاد أن تكون كالهمس ، تحاول أن تقول أنه فاشل ، وأصوات أخرى تحاول أن تكون عالية ، تقطع باليقين أن قضاة المستقبل أنهم " المستقبل للقضاء " .
وأنا كمتابع ومهتم بالأخبار الصادرة من وزارة العدل من كادرها المخضر في بوح التفاصيل فإنني لا أهتم بما يجري من لغط على الساحة القانونية ، فحتى الآراء اليوم تشتريها المصالح ، ولكنني أسعى لأن أصل إلى حقيقة الأمر ، فتلك الظلمة التي تصاحب وجود القمر لا نريدها .
يبدو أن برنامج قضاة المستقبل يخرج عن المقاسات التي يريدها بعض الأشخاص ممن قرروا النظام ، و لربما إقصاء البعض من برنامج قضاة المستقبل سيتح الدخول لمن لذ وطاب ممن تشتهي النفس التي صاغت النظام ، أو بالأحرى أحسنت قيافته وهذبت ألوانه ليكون جذاب مغري ، فيقع في مصيدته العابر لسبيل القرارات...
المضحك المبكي أن الدراما لم تبدأ إلى هذه اللحظة ، فحينما علمت بأن إلغاء نظام بسطرين كلف وضعه ورقتين ، يساوي في حقيقة الأمر أكثر من مليوني دينار أنفقت على أربعة وخمسين طالب من هذا البرنامج ، تريد الوزارة الموقرة أو المقررة غير المبصرة الاستغناء عنهم والاكتفاء بمنحهم شهادة القانون ، وهذا يقودني إلى سؤالين ؟ السؤال الأول : هل الأردن تملك أموال زائدة لهذا الحد لتنفق الملايين دون الحاجة إلى البحث عن مردود ؟ نعم لذلك تجد الأردن تتبرع بين تارة وأخرى لدول الخليج لتسد تلك الدول العجز في ميزانيتها .
السؤال الثاني : هل الأردن بحاجة إلى مواطنين يحملون شهادة القانون ، وقامت وزارة العدل بسد هذه الحاجة ودفع هذه المبالغ لسد هذه الحاجة ؟ ربما فكليات الحقوق أصبحت تعاني من عدم الإقبال عليها ، فقامت الوزارة مشكورة بالتعامل بهذا الأسلوب مع هذا البرنامج
لا اعلم من أين سيأتي الحق إذا كانت وزارة العدل تعامل قضاة سيصبحون في المستقبل بهذه الطريقة من إقرار الظلم بقانون أو بنظام لا أعلم ما الفرق ، ولكن أعلم بأن هنالك روح للقانون ، وأعلم بأن القانون علم قائم على المنطق وليس التشدق ، وعدم الإنصات إلى الأشخاص الذين يكادون لا ينطقون إلا مصلحتهم . إن " المفهومية " تقول لماذا هذا الكم من الجدل حول هذا البرنامج ؟ والتشويه الذي بثته رجالات تكاد أن تبرز منها المصلحة ، تشويه ممنهج تشويه مقصود .
الحقيقة أيها السادة أن هؤلاء الشباب لم يكن لهم شيخ يلقنهم السمع والطاعة ، لم يعرف إلى اليوم ماذا يعني أن تنصاع للضغوط ، هما برزوا بكفاءاتهم ، ودخلوا البرنامج بمعدلاتهم ، ولم يكن لأي أحد أين من كان أي فضل عليهم ، لذلك سيكون بإستقلال تام لا يشوبه أي شك ، ستكون أذانهم مسدودة عن أي أمر يوجب الطاعة . الفكرة من عدم امتحانهم كما علمت ، بأنهم سيجتازون الامتحان بسهولة ، ولكن الأمر لا يتعلق باختبارهم بل باختيارهم ، ولا ندري أسس الاختيار هل هي قائمة على وجهات النظر الشخصية أم الموضوعية ؟ فإن كانت شخصية دخلنا إلى الباحة الخلفية من كل امتحان والتي يعلمها كل مواطن على وجه البسيطة ، وإن كانت موضوعية فالغاية من هذا البرنامج غدت غير معلومة .
إن كان تحرير هؤلاء الطلبة من الامتحان لكي لا يتم تكبيل أيديهم بالفضل بالدخول أو الجميل الذي سيطاردهم إلى أخر العمر ، فأنا مع هذا البرنامج بل ما فيه ، وإن كان هذا البرنامج قد جاء خالي الوفاض من أي هدف ، فالأجدر على الحكومة أن تنصف هذه العقول ، فهؤلاء الطلبة كما فهمت هم نخبة السنوات السابقة في الثانوية العامة ، ونخبتها في الجامعة ، فالأجدر إنصافهم ، حتى لا ننشئ عقول تعقد أن الظلم قد يصاغ بقانون أو نظام .
وأيضا أريد أن أوجه رسالة تخص المسؤولين ، إن التخلي عن هؤلاء الطلبة وإن كان لمصلحة لا نعلمها لا يجب أن يكون بهذه الطريقة ، فأنت اليوم بصدد إلغاء فكرة الثقة بين أي شخص سيفكر الارتباط بأي وزارة من خلال منحة أو بعثة ، لأنك إذا أوصلته إلى منتصف البئر وقطع الحبل به سيكون عبارة عن حلم يراوده صباح مساء .



http://www.garaanews.com