بسم الله الرحمن الرحيم
المملكة الأردنية الهاشمية
وقف تنفيذ العقوبة في قانون العقوبات الأردني
رقم 16 لسنة 1960
دراسة مقارنة
المقدمة
ان وقف التنفيذ كنظام قانوني، هو جديد نسبيا على تشريعنا الجزائي حيث ادخل الى قانون العقوبات بموجب تعديل عام 1988، وهو بحاجة الى مزيد من البحث والدراسة، حتى يكون له فقه يشرحه ويفسره ويثني على ما في النص القانوني من ايجابيات، وينتقد ما فيه من سلبيات ويقترح على المشرع اية اضافه او تعديل يثري هذا النظام القانوني اثناء الممارسة والتطبيق خاصة في التطبيقات القضائية العملية بما يؤدي الى تحقيق الأهداف التشريعية المرجوة منه في الاصلاح والتأهيل .
وقد قسمت هذا البحث الى فصلين رئيسين وعدة مباحث على النحو التالي :
• الفصل الاول : وقف تنفيذ العقوبة .
• المبحث الاول : مفهوم وقف التنفيذ (تعريفه، تكييفه، غاياته).
• المبحث الثاني : المحكمة المختصة بوقف التنفيذ
• المبحث الثالث شروط وقف التنفيذ :
1. الشروط المتعلقة بالمحكوم عليه
2. الشروط المتعلقة بالجريمة
3. الشروط المتعلقة بالعقوبة .
• المبحث الرابع : السلطة التقديرية للمحكمة .
• المبحث الخامس : مدة وقف التنفيذ واثر انقضائها .
• الفصل الثاني : الغاء وقف تنفيذ العقوبة .
• المبحث الاول : حالات الغاء وقف التنفيذ
• المبحث الثاني : المحكمة المختصة والاجراءات .
• المبحث الثالث : الاثار المترتبة على الالغاء .
وسنقوم بدراستها تفصيلا فيما يلي..............
والله الموفق
الفصل الاول
وقف تنفيذ العقوبة
من غير المجادل فيه ان كل فعل اجرامي يقترفه الانسان يستوجب بعد محاكمته، واعطائه فرصة الدفاع عن نفسه، ان يصدر بحقه حكم قضائي، يوقع عليه العقاب اللازم والكافي انتصار لحق المجتمع بالحماية والامن، ولردع المجرم وتعريفه بقبح ما اقترف، ووجوب الندم عليه، والعزم على الا يعود لمثل هذا الفعل او مخالفة القانون .
الا ان التشريعات الجزائية قديما وحديثا وضعت استثناءات من هذه القاعدة، فتسقط الاحكام الجزائية او تمنع تنفيذها او تؤجل صدورها، لغايات واهداف انسانية، تستهدف أمن المجتمع واستقراره، وحماية المجرم من عواقب فعله الاجرامي، ودخوله في زمرة المجرمين واصحاب السوابق، وقد تطورت هذه التشريعات مع مرور الزمن، الى ان وضعت لها نظم قانونية وفقهية تبينها وتدلل على ما في الاخذ بها من ايجابيات تنعكس على المجتمع امنا واستقرارا، وعلى الاقل فهي تحد من خطر انفجار الجريمة في المجتمع وازدياد جنودها .
ومن هذه النظم القانونية، نظام وقف تنفيذ العقوبة، والذي اخذ به المشرع في الاردن كغيره من الدول العربية والاجنبية، وقد ادخل المشرع الاردني نظام وقف التنفيذ على قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960، وجعله جزءا منه بموجب (القانون رقم 9 لسنة 1988 القانون المعدل لقانون العقوبات). ( )
وبموجب هذا القانون، تم تعديل المادة (47) من القانون الاصلي باضافة وقف التنفيذ كسبب سادس من الاسباب التي تسقط الاحكام الجزائية، او تمنع تنفيذها او تؤجل صدورها، ثم اضاف المادة (54) مكررة والتي بينت الاحكام المتعلقة بوقف التنفيذ على وجه التفصيل، وهذه المادة بفقراتها الخمس ستكون محور هذا البحث .
المبحث الاول
مفهوم نظام وقف التنفيذ
التعريف بوقف التنفيذ :
عرف الدكتور محمود نجيب حسني وقف التنفيذ بأنه(تعليق تنفيذ عقوبة على شرط موقف خلال مدة تجربة يحددها القانون)( )، وعرفه الدكتور علي عبد القادر القهوجي على انه(تعليق تنفيذ العقوبة فور صدور حكم بها على شرط موقف خلال فترة اختبار يحددها القانون)( ).
ومن خلال هذين التعريفين يتبين ان وقف التنفيذ يفترض صدور حكم بادانة المتهم والحكم عليه بعقوبة ويفترض ايضا عدم اتخاذ اي اجراء لتنفيذ العقوبة المحكوم بها فاذا كانت العقوبة مانعة للحرية يترك حرا طليقا واذا كان موقوفا احتياطيا يتم الافراج عنه على الفور .
ويفترض نظام وقف التنفيذ ايضا ان يظل المحكوم عليه طيلة فترة التجربة التي يحددها القانون تحت رحمة الشرط الموقف لتنفيذ العقوبة، فاذا تحقق هذا الشرط خلال هذه الفترة استوجب تنفيذ العقوبة بحقه وإذا لم يتحقق الشرط خلال هذه المدة فليس هناك محل لتنفيذ العقوبة بل إن الحكم الصادر بحقه يعتبر كأن لم يكن .
التكييف القانوني لوقف التنفيذ :
ليس من السهل تحديد تكييف قانوني لوقف التنفيذ، اذ ان المشرع في المادة (47) من قانون العقوبات، اورد وقف التنفيذ كسبب من الاسباب التي تسقط الاحكام الجزائية او تمنع تنفيذها او تؤجل صدورها، والسؤال هنا، تحت اي من هذه الاسباب يندرج وقف التنفيذ ؟
لقد انتقد الدكتور محمود نجيب حسني اعتبار وقف التنفيذ سبباً من اسباب سقوط الاحكام، ذلك ان وقف التنفيذ لا يعني سقوط الحكم، وإنما يظل الحكم قائما حتى تمضي مدة التجربة، بل إن مضيها لا يعني بالضرورة سقوط الحكم، فوقف التنفيذ عرضه للنقض واذا تم نقض الحكم ينفذ كما لو كان صادرا ابتداءً دون ان يشمل بوقف التنفيذ، ثم انه يقول(التكييف الحقيقي لوقف التنفيذ انه صورة لتطبيق العقوبة، وهو على هذا النحو، نظام ملحق باستعمال القضاء سلطته التقديرية في تحديد العقوبة، ذلك ان وطأة العقوبة على المحكوم عليه لا ترتهن فحسب بنوعها ومدتها، بل ترتبط كذلك بما اذا كانت تنفذ فيه ام يوقف تنفيذها)( ) .
وفي هذا الرأي غموض حيث انه لا يرد وقف التنفيذ الى سبب من الأسباب المعروفة فقهاً، وان اعتباره نظاما ملحقا باستعمال القضاء سلطته التقديرية في تحديد العقوبة، لا يقدم تكييفا بالمعنى القانوني .
وبرأيي أن لوقف التنفيذ طبيعة خاصة ومشتركة، فهو من جهة يمنع تنفيذ الاحكام الجزائية، خلال مدة التجربة التي يحددها القانون، ومن جهة ثانية، هو سبب من الاسباب التي تسقط بها الاحكام الجزائية اذا مضت مدة وقف التنفيذ دون الغاء، فالحكم في هذه الحالة يعتبر كأن لم يكن وفق النص الاردني، ويعتبر لاغيا وفق قانوني العقوبات اللبناني والسوري .
http://legalpalestine.blogspot.com/