بقلم: الدكتور المحامي محمود الكفارنه

لا زال قانون المالكين والمستأجرين الأردني الجديد المعدل رقم (22) لسنة 2011م المنشور في الجريدة الرسمية صفحة (5572) عدد (5134) تاريخ 31/12/2011م رغم دستوريته وتوشيحه بالارادة الملكية في قفز موضعي يراوح مكانه في التنفيذ والتطبيق بين مد وجزر يعيش مراحل المخاض بين الشد والقبول لأن المشرع الأردني لم يقف على مسافة واحدة من المالك والمستأجر وانما غايته الوصول الى العقد الرضائي الاتفاقي بان يتخلص من التمديد القانوني (التوريث القانوني) في العقود المبرمة قبل 31/8/2000 تحت قلنسوة الطريق القسري للاخلاء بطريق آخر بتقدير بدل أجر المثل ورحمة الخبير بالمعاينة للعين المؤجرة للسكن ولغير السكن واجتثاث مبدأ عدالة درجات التقاضي للمتظلم عند الاختلاف والخلاف واللجوء الى القضاء، ناهيك عن تكدس القضايا وارهاق السادة القضاة وزيادة الأعباء المادية واهدار الوقت وما يترتب من أثر سلبي في تبديد وتيرة العلاقة الودية بين المالك والمستأجر.

من جميل القول أن كل الشرائع السماوية أعطت الحق للمالك أن يستمتع المالك بملكه واسترداد عقاره من الغير متى رغب وأحب عند انتهاء العقد المبرم أو بموجب الاخلال في أحد حالات اخلاء المأجور المنصوص عليها في قانون المالكين والمستأجرين الجديد في المادة 5/2/فقرة ج وكما اعطت الحق للمستأجر أن ينتفع بالعين المؤجرة مقابل بدل الأجر والقانون نظم ميكانيزم هذه العلاقة بان العقد شريعة المتعاقدين لكن الوجه الصعب الخلافي هو في العقود التي أبرمت قبل 31/8/2000 التي أعطت الحق للمستأجر الاستمرار في اشغال المأجور بعد انتهاء مدة الايجار العقدي وفقا لأحكام العقد وشروطه ، وتلك هي المعضلة والغريب في الأمر فقد تم اجراء تعديلات ثلاث متوالية لثلاث سنوات متتالية على قانون المالكين والمستأجرين الأردني ولا يزال الأمر خلافي في بعض مواده وعلى النحو الآتي:

قانون المالكين والمستأجرين المعدل رقم (17) لسنة 2009 المنشور في الجريدة الرسمية صفحة (4356) عدد (4979) تاريخ 1/9/2009م .
قانون المالكين والمستأجرين المعدل رقم (43) لسنة 2010 المنشور في الجريدة الرسمية صفحة (7236) عدد (5075) تاريخ 30/12/2010.
قانون المالكين والمستأجرين المعدل رقم (22) لسنة 2011 المنشور في الجريدة الرسمية صفحة (5572) عدد (5134) تاريخ 31/12/2011م.

وهذا القانون الأخير يثير جدلا قضائيا وقانونيا في تطبيق موضوع بدل أجر المثل ما بين تقديم الطلب وتقديم الدعوى ودعوى الطلب في حالة النزاع واللجوء للقضاء من اطراف النزاع (المستأجر والمؤجر) حيث الطلبات تلحق بالدعوى الأصلية في قانون أصول المحاكمات المدنية بينما في قانون المالكين والمستاجرين تكون الطلبات هي الأصل والقضاء لا ينظر في الطلبات مستقلا ومنفصلا إلا بوجود دعوى فالأمر فيه خلاف بائن.

ولو افترضنا حكما أقميت دعوة من المستأجر لتقدير أجر المثل للعين المؤجرة على المالك وقيمة عقد الايجار السنوي للعين المؤجرة ألفين (2000) دينار وصدر بذلك حكم قضائي قطعي بألف وخمسمائة (1500) دينار فهل المالك يلزم بدفع أتعاب المحاماة ورسوم الدعوى والمصاريف والخبرة والأصل أن تكون على الطرف الخاسر؟ ولو افترضنا حكما لذات الحالة السابقة أن قرار الحكم القضائي القطعي كان مساويا لقيمة العقار السنوي ألفين (2000) دينار أردني فمن هو الطرف الخاسر هنا؟ ومن يلزم بجميع تكاليف الدعوى التي أقيمت والعكس كذلك لو أقيمت من المالك على المستاجر وكانت ذات النتيجة؟ وهل يحتاج الأمر لتكييف قانوني ؟ وهل يملك القاضي سنداً قانونيا في الحكم في ذلك؟

والأمر الآخر أن قانون المالكين والمستاجرين حكمه قطعي وعلى درجة واحدة مما يخالف أصول قانون المحاكات المدنية بان يكون مبدا التقاضي على درجتين تحقيقا للعدالة .

والسؤال الذي يثار في جعبة الأغلبية الصامتة : لماذا غاب دور مجلس الأعيان (عقل الوطن وعين الملك) وخاصة غياب فاعلية ودور اللجنة القانونية بالبحث والمناقشة والاستفاضة لقانون المالكين والمستاجرين المعدل الجديد لعام 2011 واكتفى بالدور السلبي التوافقي حسب ما ورد من مجلس النواب الأردني؟
ولماذا غيب المشّرع الأردني دور قضاة محكمة التمييز الأردنية رسل العدالة وفرسان الحق والمرجعية العليا للقضاء النزيه جهابذة العقل القضائي الراشد في المشاركة الجادة في التنسيق والاعداد والصياغة وآلية عدم التنازع بمواد القانون عند التطبيق.

ولماذا تجاهل المشرع الأردني نقابة المحامين قلعة القانون وبيت الخبرة والمعرفة والعلم وغيبت دور فرسان العدالة وساسة التأطير القانوني؟. فالقضاة والمحامين جناحا ميزان العدالة لاستقرار التشريع الوطني بالمفهوم الواسع للبعد القانوني والاجتماعي والاقتصادي وغيابهما يضعف حصافة وحصانة المشرع.

نحن مع المالك والمستاجر على حد سواء دون استقواء طرف على آخر ولكن كيف السبيل؟ أرى السبيل في ذلك بأن على مجلس النواب ممثلة بالسادة الذوات في اللجنة القانونية بالعمل على المعادلة الثلاثية والتي سبقنا بالعمل بها المشرع البريطاني ونجحت في ذلك، وهذه المعادلة تقوم على التشكيلة التالية باشراك :
(قضاة) : بتمثيل من المجلس الأعلى للقضاء + محامين (يتمثل من مجلس نقابة المحامين) + صاحب المصلحة محل القانون(المالكين والمستأجرين) ويمثل المالكين والمستأجرين غرفة الصناعة وغرفة التجارة وجمعية المالكين والمستاجرين وممثلي القطاعات التجارية والصناعية وأصحاب المهن والحرف سواء كانوا بصورة جمعية او افراد لأنهم أصحاب القضية والحق وأعلم وأدرى بمحكات مشكلاتهم وليس الغير البعيدين أوصياء عليهم.

حيث تقوم اللجنة القانونية لمجلس النواب بتفعيل هذه المعادلة الثلاثية بالتمثيل في كل محافظة مستقلة بالتنظيم والتنسيق والاعلان المسبق بالوسائل المرئية والمقروءة لتحديد الزمان والمكان والتاريخ في ترتيب وعقد لقاء وحوار مفتوح مفصلي مستقل ضمن جداول زمنية في مراكز المحافظات والبحث في المواد الخلافية في القانون واشباعها بحثا حيث يقوم أصحاب المصلحة محل القانون (المالكين والمستأجرين) بطرح مفردات المواد الخلافية للقانون من جوانب مختلفة ومتنوعة ويقوم المحامون بفتح الثغرات التي قد تؤثر على تطبيق المواد ثم يكون دور هيئة القضاء تسديد الثغرات الى أن تتبلور وضوح معالم الرؤيا في القبول والمواءمة والرضا العام في الوصول الى صيغة توافقية لمواد القانون وبنوده حتى تصبح مسودة مشروع قانون يأخذ فيما بعد قنواته التشريعة نحو التشريع النهائي ليصبح قانونا نافذا وهو ما نتمنى أن يأخذ به المشرع الأردني من اجل استقرار تشريعي لقانون المالكين والمستأجرين الأردني المعدل الذي نريده لعام 2012 لمصلحة المالك والمستأجر والمستثمر تحقيقا للعدالة والصالح العام.
Mahmoud.Araf@yahoo.com









http://www.urdoni.com/