جاءت الجرائم الماسة بالشرف تحت عنوان ” الذم والقدح والتحقير ” وذلك في الفصل الثاني من الباب الثامن المواد من 358 – 368 من قانون العقوبات. وجاءت تلك المواد مستندة في مفهومها ومدلولها على ما تناوله المشرع من أحكام في المواد 188 – 199 من قانون العقوبات التي جاءت في الفصل الثاني من الباب الثالث تحت عنوان ” في الجرائم الواقعة على السلطة العامة “.
ويجد المتمعن في نصوص المواد 358 – 368 من قانون العقوبات أن المشرع قد وحد في الأحكام بين جريمتي الذم والقدح، وأنه خص جريمة التحقير بأحكام منفصلة، ثم عاد ليخضع جرائم الذم والقدح والتحقير لأحكام خاصة متعلقة بالقيود الإجرائية. لذا سنعمل على تقسيم هذا الفصل إلى المباحث التالية:
المبحث الأول : الذم والقدح
المبحث الثاني: الذم والقدح المباح
المبحث الثالث: التحقير
المبحث الرابع: القيود الإجرائية
المبحث الخامس: ظروف تخفيف العقوبة أو إسقاطها في جرائم الذم والقدح والتحقير
المبحث الأول
الـذم والقـدح
الـــــذم(1) : إسناد أمر للغير موجب لاحتقاره أو النيل من شرفه وكرامته أو يعرضه لبغض الناس واحتقارهم بإحدى صور العلانية، وقد عرف المشرع الذم في المادة 188 من قانون العقوبات، وبينت المادة 189 صور الذم والقدح ( ووحدت في هذا الخصوص بين أحكامها).
فقد نصت المادة 188/1 من قانون العقوبات على أنه: ” الذم هو إسناد مادة معينة إلى شخص ولو في معرض الشك والاستفهام من شأنها أن تنال من شرفه وكرامته أو تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم سواءً أكانت تلك المادة جريمة تستلزم العقاب أم لا “.
أما القدح :
فقد عرفته المادة 188/2 من قانون العقوبات بأنه: ” الاعتداء على كرامة الغير أو شرفه أو اعتباره – ولو في معرض الشك والاستفهام – من دون بيان مادة معينة “.
يتضح أن لجريمة الذم عدة أركان هي:
1-إسناد أمر 2-إسناد أمر معين. 3-إحدى طرق العلانية.
4-أن يكون من شأن الإسناد أن ينال من شرف وكرامة المعتدى عليه أو احتقاره عند أهل وطنه. 5-القصد الجرمي.
وتتفق جريمة القدح مع جريمة الذم في أركانها باستثناء الركن الثاني، حيث تتطلب جريمة الذم إسناد واقعة معينة أو أمر معين، في حين لا تتطلب جريمة القدح تعيين الواقعة.
أولاً : الإسناد :
الإسناد نسبة الأمر الشائن إلى المعتدى عليه سواء على سبيل التأكيد أو الشك أو الاستفهام، فلا يشترط أن يكون الإسناد على سبيل الجزم، ويستوي أن يكون الإسناد مباشراً أو غير مباشر، ويكفي أن يكون على سيل التصريح أو التلميح أ والتعريض على أن يفهم منه نسبة أمر معين إلى المعتدى عليه.
أما الإخبار فإنه يحمل معنى الرواية عن الغير أو ذكر الخبر محتملاً الصدق والكذب(2).
فقد نصت المادة 188/3 على أنه: ” وإذا لم يذكر عند ارتكاب جرائم الذم والقدح اسم المعتدى عليه صريحاً أو كانت الاسنادات الواقعة مبهمة، ولكنه كانت هنالك قرائن لا يبقى معها تردد في نسبة تلك الاسنادات إلى المعتدى عليه وفي تعيين ماهيتها، وجب عندئذ أن ينظر إلى مرتكب فعل الذم أو القدح كأنه ذكر اسم المعتدى عليه وكأن الذم أو القدح كان صريحاً من حيث الماهية “.
وبهذا يكون المشرع الأردني قد أراد أن يحيط بالعقاب كل صور التعبير ولو كان ذلك بصفة تشكيكية أو استفهامية عندما أورد عبارة ” ولو في معرض الشك والاستفهام “.
فقد قضي (1) بأنه: ” لم يشترط حكم المادة 188 من قانون العقوبات ذكر اسم المعتدى عليه في جرائم الذم أو القدح صريحاً أو أن تكون الإسنادات الواقعة عليه صريحة متى كانت هناك قرائن قوية لا يبقى معها تردد في نسبة تلك الإسنادات إلى المعتدى عليه وفي تعيين ماهية الاسنادات المنسوبة له، ويعتبر مرتكب الفعل وكأنه ذكر اسم المعتدى عليه وكأن الذم أو القدح كان صريحاً من حيث ماهيته، وعليه فيكون ما توصلت إليه محكمة الاستئناف من صحة وقائع توجيه عبارات الذم والقدح إلا إنها استلزمت للمعاقبة على هذه الأفعال ذكر اسم المعتدى عليه صريحاً مخالفا لحكم المادة 188/3 من قانون العقوبات مما يستوجب نقض الحكم “.
ويتحقق ركن الاسناد سواء أكان المعتدى عليه شخصاً طبيعياً أو معنوياً، فكما أن الذم والقدح يمس شرف وكرامة المعتدى عليه إذا كان شخصاً طبيعياً، فإنه يمس الشخص المعنوي إذا ما جاء موجهاً إلى أشخاص القائمين على ادارة الشخص المعنوي.
أما إذا وجه الذم أو القدح إلى مجموعة من الأشخاص لا تتمتع بالشخصية، فإذا أمكن تحديد هؤلاء الأشخاص وكان عددهم محدداً، أمكن قيام الجريمة، أما إذا كان العدد كيراً وغير محدود فلا تقع الجريمة لانهيار الركن المعنوي بانتفاء عنصر العلم بالمجني عليه(2).
http://shabab20.net/