أقر مجلس الأمة الأردني (النواب والأعيان) خلال جلسة مشتركة أمس، قانوناً جديداً لمحكمة أمن الدولة العسكرية، بعد أن رفض إضافة نص على تجريم مقاومة الاحتلال.
وبينما اعتبرت الحكومة وغالبية المجلس أن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي أو أي احتلال آخر غير مجرمة في القوانين والدولية والأردنية، أصر 26 عضواً فقط على إضافتها، لتوفير الحماية المستقبلية لكل أردني يفكر في مقاومة الاحتلال، بخاصة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
واللافت أن مجلس النواب كان صوّت في وقت سابق لمصلحة إضافة النص الخاص برفض تجريم مقاومة الاحتلال على القانون، فيما تمسك الأعيان برفض الإضافة، على اعتبار أن مقاومة الاحتلال غير منصوص على تجريمها في أي من القوانين الأردنية.
ويتكون مجلس الأمة الأردني من غرفتين، الأولى هي مجلس النواب الذي ينتخبه الشعب، والثانية تتمثل في مجلس الأعيان الذي يعينه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وخلص المجلس إلى حصر صلاحيات محكمة أمن الدولة في قضايا الإرهاب والتجسس والمخدرات والخيانة العظمى والتزوير.
وتتبع محكمة أمن الدولة القضاء العسكري، ومثل أمامها خلال السنوات الماضية عشرات الناشطين بتهم تقويض النظام الملكي، إضافة إلى صحافيين ومدنيين، كما يحاكم أمامها عشرات المنتمين إلى التيار السلفي الجهادي بتهم الإرهاب.
وقال رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور خلال الجلسة المشتركة إن «أحداً من النواب أو الأعيان أو طاقم الحكومة لم يتحدث لا من قريب أو بعيد، عن أن الاحتلال حرب ومقاومتها جريمة».
وأضاف أن «الاحتلال هو الجريمة التي تجابه الإنسانية وليس القانون الأردني، ولا يوجد في قانون العقوبات أو غيره أي تجريم لمقاومة الاحتلال».
وتابع: «إضافة العبارة المذكورة أمر غير مفيد، ويضعنا في إشكال، ويفتح علينا قصة كبيرة لها مغاز دولية خارج الحدود وفي كل الاتجاهات».
وكان لافتا أن العديد من النواب الذين طالبوا سابقاً بإضافة العبارة سارعوا أمس إلى تغيير مواقفهم، ومن هؤلاء رئيس مجلس النواب السابق والنائب الحالي عبد الكريم الدغمي، الذي قال في مداخلة مقتضبة «لقد كنت مع هذه الإضافة في المرتين اللتين جاء بهما المشروع إلى هذه القبة، وربما كنت أخلط بين السياسي والقانوني».
وأضاف: «إذا وضعنا إضافة تستثني مقاومة الاحتلال الصهيوني من القانون، فإننا نجرم من حيث لا ندري مقاومة المحتل الإسرائيلي وكل أنواع المقاومة».
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية أشارت إلى اعتراضات قدمتها تل أبيب على هذه الإضافة، بحجة أنها تشرع العمليات التي ينفذها شبان أردنيون بين الفينة والأخرى ضد الجيش الإسرائيلي.
وما من شك في أن استثناء مقاومة الاحتلال من قائمة تهم «الإرهاب» التي يضطلع بها قانون محكمة أمن الدولة، ستفتح الباب أمام جدل قانوني وسياسي آخر حول مشروع قانون منع الإرهاب (يجرم الأعمال المسلحة لأي أردني داخل البلاد أو خارجها)، وهو جدل لا يتقارب مع موقف شعبي مؤيد لمقاومة الاحتلال. وكانت محكمة أمن الدولة قضت بسجن أردنيين اتهموا في سنوات سابقة بالتخطيط أو تنفيذ عمليات عبر الحدود مع فلسطين المحتلة.
وقال نقيب المحامين السابق صالح العرموطي إن قرار مجلس الأمة «معيب بحق الأردن، لأنه يرفض النص على عدم تجريم مقاومة الاحتلال».
وأضاف أن «عشرات الأحكام صدرت عن محكمة أمن الدولة لشبان أردنيين بتهمة محاولة التسلل إلى الضفة الغربية أو حيازة الأسلحة بهدف قتال اليهود في فلسطين».
واستطرد أن «مجلس الأمة لا يمثل الشعب الأردني في هذا القانون، الذي أبقى على محكمة عسكرية وعلى محاكماتها لمن يفكر في مقاومة الاحتلال».



http://alhayat.com/