قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الجزائية رقم 1034/2006 (هيئة خماسية) تاريخ 16/8/2006



1. يستفاد من المواد 99 و100و110 من دستور المملكة الأردنية الهاشمية انه خول المشرع الأردني إنشاء المحاكم الخاصة بقوانين خاصة تحدد اختصاصاتها وكيفية تشكيلها وطرق الطعن في أحكامها . ويستفاد من المواد 2و3 من قانون محكمة أمن الدولة رقم 17 لسنة 1959 ، أنّ محكمة أمن الدولة محكمة خاصة أُنْشأَت بقانون خاص صادر استناداً لأحكام الدستور . وحيث أنّ محكمة أمن الدولة محكمة خاصة بالمعنى المقصود بالدستور وتمارس حق القضاء على الأشخاص المدنيين والعسكريين المتهمين بارتكاب أي من الجرائم التي تختص بنظرها وفصلها وفق أحكام المادة 3 من قانونها وتطبق في إجراءاتها قانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون العقوبات والقوانين الخاصة التي تدخل في اختصاصها وتمارس النيابة العامة لديها الصلاحيات المناطة بها حسب قانونها وقانون أصول المحاكمات الجزائية فهي بالتالي محكمة تستمد مشروعيتها ووجودها من قانونها الخاص الصادر عن مجلس الأمة استناداً لأحكام المادتين 99 و 100 من الدستور مما يجعل من الطعن بعدم دستوريتها وبطلان تشكيلها وعدم صلاحيتها طعناً غير وارد ويغدو هذا السبب حقيقاً بالرد من هذه الناحية .


2. يستفاد من المادة " 3 " من قانون محكمة أمن الدولة رقم 17 لسنة 1959 وتعديلاته أنّ أي فعل من شأنه النيل من الوحدة الوطنية أو يعكر الصفاء بين الأمة ومن شأنه تشجيع الإرهاب وإثارة النعرات والحض على النزاع بين عناصر الأمة يعتبر من الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي وفق المفهوم الوارد في الجرائم التي تقع على أمن الدولة الداخلي . وحيث أنّ الجرم المسند للمميزين حسب نص المادة 150 من قانون العقوبات هو (( كل كتابة وكل خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسمائة دينار ... )) . وعليه فإنّ هذه الجريمة من الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي وفق ما ورد بالفصل الثاني من الباب الأول - الكتاب الأول عقوبات . وبالتالي فإنّ الجرم المسند للطاعنَيَّن يدخل في اختصاص محكمة أمن الدولة .
3. بينت المادة 17 من الأصول الجزائية وظائف المدعي العام ومنها تقصي الجرائم وتعقب مرتكبيها ، كما أنّ المادة 23 من القانون ذاته حددت الكيفية التي يجري فيها التحقيق والملاحقة وخولته الملاحقة من تلقاء نفسه . وعليه فإنّ النعي على إجراءات المدعي العام في محكمة بداية عمان بأنها تمت قبل وجود شكوى تغدو غير واردة كونه مخول بملاحقة الجرائم التي يعلم بها من تلقاء نفسه ، يضاف إلى ذلك أنّ الجرائم المسندة للطاعنين ليست من الجرائم التي تتوقف الملاحقة فيها على وجود شكوى ، وأنّ إحالة القضية للمرجع المختص لا يعيب إجراءات التحقيق وبالتالي فإنّ الإجراءات التي قام بها مدعي عام محكمة بداية عمان موافقة للأصول والقانون .

4. يستفاد من المادة 8/ب من قانون محكمة أمن الدولة رقم 17 لسنة 1959 وتعديلاته ، أنّ محكمة أمن الدولة ملزمة بالنظر في القضايا المعروضة عليها بصفة الاستعجال بموجب قانونها الخاص ، وغير ملزمة بالعطلة القضائية المنصوص عليها في المادة 44/د من قانون استقلال القضاء المطبق على قضاة المحاكم النظامية فقط ولا ينطبق على قضاة محكمة أمن الدولة الملزمين بتطبيق قانونها الذي هو قانون خاص بالنسبة لهم .


5. اذا ابرزت هيئة الدفاع الموكلة عن الطاعنين وكالة خاصة وحضروا بعض الجلسات واختاروا من يتحدث باسمهم وما لبثوا أن غادروا قاعة المحكمة أثناء السير بإجراءات المحاكمة وقد تابعت محكمة أمن الدولة إجراءات المحاكمة وقدم الطاعنان إفادات دفاعية وبينات دفاع حسب الأصول . وبما أنّ الجرم المسند للمميزين لا يدخل ضمن الجرائم التي توجب على المحكمة إحضار محامي للدفاع عن المتهم ، وغير ملزمة بإجبار هيئة الدفاع على حضور المحاكمة .
6. يستفاد من المادة 7/أ من قانون محكمة أمن الدولة رقــم 17 لسنة 1959 وتعديلاته ، أنها أعطت رئيس هيئة الأركان المشتركة حق تعيين مدير القضاء العسكري أو أحد مساعديه نائباً عاماً لدى محكمة أمن الدولة وأنّ من حق الأخير بصفته نائباً عاماً وبموجب الصلاحيات الممنوحة له بقانون محكمة أمن الدولة وقانون الأصول الجزائية التصديق على قرارات المدعي العام في محكمة أمن الدولة فيكون ما قام به النائب العام العسكري ضمن صلاحياته القانونية .

7. اذا قام الظنين الأول محمد .. بإجراء مقابلة تلفزيونية مع محطة العربية الفضائية أكد فيها بصفته فقيهاً في الدين ونائباً للأمة بأنّ الإرهابي الزرقاوي شهيداً ومجاهداً وشفيعاً لسبعين من أهله ممجداً فيه الإرهاب بأنه طريق الحقيقة والإرهابيين بالشهداء والمجاهدين وناعتاً من يطلق على ضحايا تفجيرات عمان بوصف الشهداء هم الغوغاء والجهال ، ونتيجة الخطابات في بيت عزاء الزرقاوي وما تفوه به المميزان من أقوال وخطابات حول شهداء فنادق عمان فقد أدت إلى إثارة حفيظة ذوي الشهداء خاصة والشعب الأردني عامة مما دفع بأعداد غفيرة من مختلف أطياف وفئات المجتمع الأردني إلى الاعتصام أمام مجلس النواب والانطلاق بمسيرات شعبية غاضبة تندد وتشجب ما قام به الظنينان من أفعال باعتبارها فتنة وطعنة بالظهر عكرت أجواء الصفاء والتلاحم بين عناصر المجتمع وفئاته ونتج عنها إخلال بأمن الوطن وتهديداً للوحدة الوطنية ، وبما أنّ الظنينين نائبان للأمة وخرجا عن الثوابت الأردنية في نبذ الإرهاب ومحاربة الإرهابيين حيث طلبت الحشود الغاضبة وذوي الضحايا باتخاذ الإجراءات القانونية بحق النائبين وملاحقتهما نتيجة لما لحق بهم من أضرار معنوية ونفسية واجتماعية وتقدم عدد من ذوي الضحايا بشكاوى لدى المراكز الأمنية بحق الظنينين وجرت الملاحقة . ومحكمة التمييز بصفتها محكمة موضوع تجد أنّ ما توصلت إليه محكمة أمن الدولة من وقائع مستمدة من بينات قانونية لها أصلها الثابت في أوراق الدعوى تؤيدها في ذلك . وبتطبيق القانون على الوقائع الثابتة في هذه القضية فانها تشكل الجنحة المنصوص عليها بالمادة 150 من قانون العقوبات . وحيث توصلت محكمة أمن الدولة إلى هذه النتيجة فيكون قرارها من هذه الناحية واقعاً في محله ومتفقاً وأحكام القانون وهذه الأسباب لا ترد عليه مما يتعين ردها .
8. لمحكمة التمييز بصفتها محكمة موضوع وبما لها من صلاحية في نظر هذه القضية موضوعاً ، يجوز لها بمقتضى المادة العاشرة من قانون محكمة أمن الدولة رقم 17 لسنة 1959 وتعديلاته أن تصدق الحكم بناء على البينات الواردة في ملف الدعوى أو أن تنقضه وتبرئ المتهم أو أن تدينه ولها أن تحكم بما كان يجب على محكمة أمن الدولة أن تحكم به .