الملك: تحديات المنطقة لن تكون ذريعة لتراجع المملكة عن الإصلاح



الملك: تحديات المنطقة لن تكون ذريعة لتراجع المملكة عن الإصلاح File





أوباما: الأردن شريك أساسي في الشرق الأوسط وعملية السلام
كاليفورنيا – أكد جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس الأميركي باراك أوباما، في لقاء قمة جمعهما صباح أمس، الحرص المشترك على توثيق علاقات الشراكة الاستراتيجية، والصداقة التاريخية التي تربط البلدين. ودعا الزعيمان الى تكاتف جهود جميع الاطراف لدعم مساعي تحقيق السلام والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط وشعوبها.
وتناول لقاء قمة جمع جلالة الملك عبدالله الثاني، والرئيس أوباما، في ولاية كاليفورنيا صباح أمس السبت، بالتوقيت المحلي لعمان، علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية الأردنية الأميركية، وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، وبما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الصديقين.
كما بحث الزعيمان تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصا ما يتصل بجهود تحقيق السلام الشامل والعادل، بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية أميركية، ومستجدات الأزمة السورية.
وفي تصريحات صحفية مشتركة قبيل اللقاء، عبر جلالة الملك عن شكره للرئيس أوباما والإدارة الأميركية والشعب الأميركي والكونجرس، على مواقفهم المساندة للأردن، للتغلب على مختلف التحديات التي تواجهه.
وقال جلالته إن المملكة “مستمرة في برنامجها الإصلاحي الشامل، و”لن تكون التحديات التي تواجه المنطقة ذريعة للتراجع في الإصلاح”.
وتطرق جلالة الملك إلى عضوية الأردن في مجلس الأمن الدولي، على مدى العامين المقبلين، مؤكدا “أن هناك العديد من التحديات في منطقتنا، ونتطلع إلى العمل مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للتعامل معها، وتحقيق السلام والازدهار في الشرق الأوسط والعالم”.
وحول عملية السلام، أشاد جلالة الملك بالدور الذي لعبته الولايات المتحدة في التقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبقدرة الرئيس أوباما على قيادة دفة الأمور.
وقال جلالته “إن الجهود الكبيرة التي بذلتها الولايات المتحدة في التقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مدى الأشهر القليلة الماضية قد منحتنا الكثير من الأمل”.
وأكد جلالته أن للأردن مصالح في جميع مفاوضات الوضع النهائي، “ولمصالحنا الوطنية في هذه القضايا أهمية قصوى”.
وبين جلالته في تصريحاته أن “التحدي الأساسي الذي يواجه الجميع في المنطقة يكمن في كيفية تحقيق حل سياسي شامل للأزمة السورية”، مبينا أن “مصدر القلق الأكبر يكمن في تنامي التطرف والعنف الطائفي في سورية”.
وشكر جلالته الرئيس أوباما والشعب الأميركي على مساعدة الأردن، في التغلب على التحديات التي تواجهه، خصوصا المتصلة بالضغط الهائل من اللاجئين السوريين على موارد المملكة.
وفي هذا الصدد، قال جلالة الملك “لقد كانت الولايات المتحدة من أوائل الداعمين لنا، ونحن ممتنون لذلك، ونأمل أن يعزز بقية أعضاء المجتمع الدولي من مساعداتهم، للتخفيف من الضغط الذي يشكله اللاجئون السوريون على البنية التحتية في المملكة”، مشيرا جلالته إلى ضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أبناء وبنات الشعب السوري.
وقال جلالته إن الأردن يتمتع بالمرونة والقدرة على الصمود دائما، “ونحن نعتبر أنفسنا واحة من الأمن والاستقرار في المنطقة”.
من جانبه، قال الرئيس الأميركي خلال التصريحات أمام الصحفيين إنه “لمن دواعي السرور أن أرحب بصديق عزيز وشريك مثل جلالة الملك مجددا في الولايات المتحدة”، مؤكدا عمق الصداقة بين الشعبين الأردني والأميركي.
وأشار الرئيس الأميركي إلى أن حصول الأردن على مقعد في مجلس الأمن الدولي، سيسهم في تعزيز التعاون بين الأردن والولايات المتحدة في التعامل مع القضايا الدولية.
وعبر الرئيس أوباما عن اهتمامه للاستماع من جلالة الملك حول الإصلاحات التي أطلقها الأردن في الجانبين السياسي والاقتصادي، والتي تشكل أولوية لجلالة الملك في سعيه لتحقيق الازدهار لأبناء وبنات شعبه.
وأعلن الرئيس اوباما، خلال تصريحاته، عن منح المملكة ضمانات قروض جديدة بقيمة مليار دولار، إضافة إلى تمديد فترة مذكرة التفاهم التي تربط الولايات المتحدة بالأردن لمدة خمس سنوات أخرى لتعزيز الجهود التنموية في المملكة.
وحول عملية السلام، بين الرئيس أوباما أن جلالة الملك، ووالده المرحوم من قبله، يضطلع بدور كبير ذي مصداقية، ما جعله شريكا فاعلا في عملية السلام.
وأعرب الرئيس الأميركي عن تقديره لاستقبال الأردن لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين، ما شكل ضغطا هائلا على موارده، “ومن الضرورة بالنسبة لنا أن نضمن دعم الأردن في استضافة هؤلاء اللاجئين”.
وقال “إننا نعمل بشكل نشط على مستوى الأمم المتحدة وعلى مستوى الإقليم من أجل تأمين المساعدات الإغاثية الأساسية، والوصول إلى من يعانون بشكل كبير بسبب الحرب الدائرة في سورية”.
وأكد الرئيس أوباما أنه لا بد من عملية سياسية انتقالية في سورية، لحل المشكلة القائمة هناك، منتقدا في الوقت نفسه عدم مراعاة النظام السوري لمصالح شعبه.
وبين أن الهدف الأساسي لكل ذلك “هو النجاح في جلب الازدهار والسلام للشعب السوري”، مؤكدا أن الولايات المتحدة ستستمر بالعمل مع جميع الأطراف للمضي قدما نحو حل دبلوماسي.
من جانب آخر، أكد الزعيمان، خلال لقاء القمة، الحرص المشترك على توثيق علاقات الشراكة الاستراتيجية، والصداقة التاريخية التي تربط البلدين، وسبل تعميقها والنهوض بها في مختلف المجالات.
وتطرق جلالة الملك إلى الإنجازات التي حققها الأردن في مسيرة الإصلاح الشامل، وفق نهج إصلاحي متدرج ومدروس وخطوات واضحة.
كما استعرض جلالته التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن وسبل التغلب عليها، مشيدا في هذا الصدد بالمساعدات الأميركية للمملكة لتحقيق التنمية الشاملة، وتعزيز أداء الاقتصاد الوطني.
وتناولت المباحثات عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث شدد الزعيمان على أهمية تكاتف جهود جميع الاطراف لدعم مساعي تحقيق السلام والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط وشعوبها.
وأشار جلالة الملك، في هذا الصدد، إلى أهمية دعم مساعي الإدارة الأميركية لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، استنادا إلى حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعلى أساس حدود العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
وأكد جلالته أنه عند الحديث عن قضايا الوضع النهائي في مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، فإن الأردن يضع مصالحه الوطنية العليا في مقدمة الأولويات.
وشدد جلالة الملك على ضرورة أن لا تثني التحديات التي تواجه الشرق الأوسط، جهود المضي قدما في تحقيق السلام العادل والشامل، الذي يعزز الأمن والاستقرار الإقليميين، ويسهم في ترسيخ السلم العالمي.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، التي استعرض الزعيمان خلال مباحثاتهما آخر مستجداتها، أكد جلالته ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة، يضمن المحافظة على وحدة سورية أرضا وشعبا، ويضع حدا للتطرف وإراقة الدماء هناك.
وحذّر جلالته، في هذا الصدد، من مخاطر تزايد حدة العنف داخل الأراضي السورية، لما لهذا الأمر من آثار كارثية على أمن واستقرار المنطقة ومستقبل شعوبها، فضلاً عن تدفق أعداد متزايدة من اللاجئين السوريين خارج بلدهم.
وتطرق جلالة الملك إلى الجهود التي يبذلها الأردن الذي يستضيف العدد الأكبر من اللاجئين السوريين على مستوى المنطقة، وما يتطلبه ذلك من تقديم خدمات الإغاثة الإنسانية والأساسية لهم، ما يستدعي وقوف المجتمع الدولي ومؤسساته لمساعدة المملكة على تحمل هذه الأعباء، وتمكينها من القيام بواجبها الإنساني.
وأضاف جلالته أن تدفق اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة “ولد ضغوطا كبيرة” على الموارد المحدودة، وزاد الطلب على الخدمات الحكومية في مجالات الصحة والتعليم والنقل، والخدمات البلدية المقدمة للمجتمعات المحلية.
وفي هذا السياق، أعرب جلالته عن تقديره للدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأميركية للأردن في سبيل تعزيز قدراته وإمكاناته للاستمرار في تقديم الخدمات للاجئين السوريين المتواجدين على أراضيه.
من جهته، أشاد الرئيس أوباما، خلال المباحثات، بالجهود الإصلاحية التي ينفذها الأردن بقيادة جلالة الملك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، مؤكدا أن الولايات المتحدة تنظر إلى الأردن على أنه شريك أساسي في الشرق الأوسط، واشاد في الوقت نفسه بدور المملكة في رئاسة مجلس الأمن الدولي.
وأعرب الرئيس الأميركي عن إعجابه بحكمة وشجاعة جلالته في التعامل مع التحديات في الشرق الأوسط، وبناء غد أفضل لشعوب المنطقة، معربا عن تقديره لدعم جلالة الملك لجهود تحقيق السلام الدائم والشامل والعادل.
وفيما يتصل بسورية، عبر الرئيس أوباما عن امتنان الإدارة الأميركية لجلالته على جهود الأردن في استضافة اللاجئين السوريين، وأشار إلى التزام الولايات المتحدة بالاستمرار في دعم المملكة في مواجهة هذا التحدي، وفي العمل مع المجتمع الدولي لإيجاد حل شامل للأزمة السورية. حضر المباحثات رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية.-(بترا- فايق حجازين)